[center]افعل كما شئت .......... لكل شيء أثر و عاقبة
آثار العقوق
من المعلوم أن الأشياء بضدها تعرف، و العقوق هو ضد البر، و أظن أن أول العقوق هو ترك بر الوالدين، كما أن أقل العقوق هو التأفف و النهر. يقول تعالى: "و قضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه و بالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف و لا تنهرهما"(الإسراء 23)
إذا كان الله حرم التأفف و النهر، فما بالك بالأذى الجسدي أو المعنوي. لقد رتب الله على التأفف عقوبة عظيمة:
"وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِين" (الاحقاف17)
و لتأففه وسوء قوله توعده الله بالخسران :
"أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس إنهم كانوا خاسرين"(الأحقاف 18)
الخسران المبين لمن تأفف فقط؟
و العاق، إن لم يتب فعقابه مؤجل في الدنيا قبل الآخرة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم "كل الذنوب يؤخر الله ما يشاء إلا عقوق الوالدين يعجل لصاحبه في الحياة الدنيا قبل الممات " (صححه الألباني في صحيح الجامع)
و في نظري أثر العقوق لا يقتصر فقط على العاق بل يتعداه إلى محيط أسرته و مجتمعه. و لله ذر القائل :
لا تصاحب عاقا فإنه لن يبرك و قد عق من هو أوجب منك حقا.
حقيقة أن الذي يضيع حقوق والديه فهو لتضييع ما سواها من الحقوق آكد. الذي يضيع حقوق والديه لن يكون إنسانا صالحا لنفسه و لأسرته و لأرحامه و زوجته و لذوي الإحتياجات الخاصة و لمجتمعه و للإنسانية جمعاء. و جماع ذلك كله هو الإصابة بالتجبر و الشقاء.
فلقد قال بعض السلف لا تجد أحدا عاقا لوالديه إلا وجدته جبارا شقيا ثم قرأ مقولة عيسى عليه السلام التي جاءت في القرآن " وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلنِي جَبَّارًا شَقِيًّا". (مريم 33)
و المتأمل لواقع الأمة قد يلتمس مظاهر هذا التجبر و الشقاء بجلاء. فالكبير لا يرحم الصغير، و القوي يأكل الضعيف، و الصغير لا يوقر الكبير.. و كأن أصل الداء الذي تعاني منه الأمة يتلخص في عقوق الوالدين و عدم البر بهما؛ و كيف لا يسَلم المؤمن لمثل هذا التشخيص و هو يقرأ ترتيب الله للإحسان مباشرة بعد التوحيد في كثير من الآيات: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا"الإسراء 23
و أخيرا نقول للعاق :
تأففك يا عاق عظيم ***** عقابه يا لو علمت وخيم
تشقى به نفسك و تظلم***** الناس من حولك فأنت متجبر